انخفاض حرارة الجسم: الأسباب والأعراض

انخفاض حرارة الجسم: أسبابها وأعراضها

تعد مشكلة انخفاض حرارة الجسم (Hypothermia) من الحالات الطبية التي يمكن أن تشكل تهديدًا خطيرًا على حياة الإنسان، إذ تنشأ عندما ينخفض درجة حرارة الجسم بشكل كبير عن الحد الطبيعي. في حالات انخفاض الحرارة الشديدة، قد تتأثر وظائف الجسم الحيوية مثل التنفس والدورة الدموية، مما يؤدي إلى حدوث مضاعفات صحية جسيمة قد تؤدي في بعض الأحيان إلى الوفاة. من خلال هذا المقال، سنتناول تفاصيل هذا الموضوع بشكل موسع، بدءًا من الأسباب التي قد تؤدي إلى انخفاض درجة حرارة الجسم، مرورًا بالأعراض التي تظهر على الشخص المصاب، ووصولًا إلى طرق الوقاية والعلاج.

ما هو انخفاض حرارة الجسم؟

يحدث انخفاض حرارة الجسم عندما تنخفض درجة حرارة الجسم إلى أقل من 35 درجة مئوية (95 درجة فهرنهايت). في الحالة الطبيعية، تتراوح درجة حرارة الجسم بين 36.5 إلى 37.5 درجة مئوية (97.7 إلى 99.5 درجة فهرنهايت). عندما تنخفض هذه الحرارة إلى أقل من المعدل الطبيعي، يتعرض الجسم لمشاكل خطيرة بسبب بطء العمليات الحيوية. تؤدي هذه الحالة إلى زيادة صعوبة عمل الأعضاء والأنظمة الحيوية في الجسم مثل القلب والدماغ، مما قد يتسبب في فقدان الوعي، انخفاض القدرة على الحركة، وحتى الوفاة إذا لم يتم التدخل الطبي السريع.

أسباب انخفاض حرارة الجسم

تتنوع أسباب انخفاض حرارة الجسم، وقد تحدث نتيجة التعرض للبيئات الباردة أو بسبب مشاكل صحية أخرى تؤثر على قدرة الجسم في الحفاظ على حرارته الطبيعية. إليك أبرز الأسباب التي قد تؤدي إلى انخفاض حرارة الجسم:

1. التعرض للبرودة الشديدة

   • يعد التعرض المباشر للماء البارد أو الهواء البارد أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض حرارة الجسم. قد يحدث ذلك أثناء ممارسة الأنشطة في الأماكن المكشوفة في فصول الشتاء القارسة أو السباحة في المياه الباردة.

   • الملابس غير الكافية في الطقس البارد أو التعرض للرطوبة يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بانخفاض حرارة الجسم.

2. الأنشطة المائية

   • السباحة في مياه باردة أو الوقوع في الماء البارد، مثلما يحدث أثناء السقوط في البحيرات أو المحيطات، يمكن أن يؤدي إلى انخفاض حرارة الجسم بشكل سريع للغاية. فالإنسان يمكن أن يفقد حرارة جسمه بمعدل أسرع بكثير عند التلامس المباشر مع الماء البارد مقارنةً بالهواء البارد.

3. المشاكل الصحية والأمراض

   • هناك العديد من الحالات المرضية التي تزيد من خطر انخفاض حرارة الجسم، مثل أمراض القلب، والسكري، والغدة الدرقية غير النشطة (قصور الغدة الدرقية)، والإدمان على الكحول أو المخدرات، واضطرابات التغذية مثل النحافة الشديدة.

   • الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة أو بعض الأمراض المزمنة أكثر عرضة للانخفاض في درجة حرارة الجسم.

4. إدمان الكحول والمخدرات

   • يعتبر استهلاك الكحول والمخدرات من العوامل المؤثرة في انخفاض حرارة الجسم. حيث يؤدي الكحول إلى توسع الأوعية الدموية مما يسبب فقدانًا سريعًا للحرارة من الجسم، كما أن المخدرات قد تقلل من قدرة الجسم على الشعور بالبرد.

5. الشيخوخة

   • كبار السن هم أكثر عرضة للإصابة بانخفاض حرارة الجسم بسبب تراجع قدرة أجسامهم على تنظيم درجة الحرارة بشكل فعال. بالإضافة إلى أن الخلايا الدهنية التي تعمل كعازل حراري تتناقص مع التقدم في السن، مما يزيد من تعرضهم للبرودة.

6. عدم التغذية السليمة

   • نقص التغذية، وخاصة نقص الدهون التي تعمل كمصدر طاقة حرارية، يمكن أن يؤدي إلى انخفاض حرارة الجسم. كما أن الجفاف ونقص السوائل قد يؤثر على قدرة الجسم على الحفاظ على درجة حرارته الطبيعية.

7. المرض العقلي أو السلوكيات غير العادية

   • بعض الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية قد يتعرضون لخطر أكبر في بيئات باردة بسبب عدم الوعي بخطورة الوضع، أو بسبب عدم قدرتهم على اتخاذ تدابير وقائية مثل ارتداء الملابس الدافئة أو البحث عن مأوى.

أعراض انخفاض حرارة الجسم

تتفاوت أعراض انخفاض حرارة الجسم بناءً على شدة الحالة ودرجة الحرارة التي تعرض لها الشخص. قد تبدأ الأعراض بتغيرات طفيفة في درجة حرارة الجسم، ولكن إذا لم يتم التدخل بشكل سريع، يمكن أن تتطور الأعراض إلى أعراض تهدد الحياة. إليك الأعراض الشائعة:

1. الأعراض الأولية (الخفيفة إلى المتوسطة)

• الارتجاف أو الرعشة: يعتبر الارتجاف من أول الأعراض التي تظهر عند انخفاض حرارة الجسم. فهو رد فعل طبيعي للجسم لمحاولة توليد الحرارة من خلال تحريك العضلات.

• الشعور بالبرد الشديد: يشعر الشخص المصاب بالحاجة الماسة للبحث عن مكان دافئ، كما يتزايد إحساسه بالبرودة بشكل كبير.

• الشحوب: قد يصبح الجلد باردًا وشاحبًا نتيجة لتقلص الأوعية الدموية في الأطراف بهدف الحفاظ على الحرارة في الأعضاء الداخلية.

• زيادة سرعة التنفس: يبدأ الجسم في محاولة التدفئة من خلال زيادة معدل التنفس، وقد يشعر المصاب بالتنفس السريع.

• التعب والإرهاق: يؤدي انخفاض حرارة الجسم إلى شعور الشخص بالإرهاق الشديد وصعوبة في التركيز.

2. الأعراض المتقدمة (الشديدة)

• التلعثم في الكلام: قد يبدأ الشخص المصاب في فقدان القدرة على التحدث بوضوح، ويصبح كلامه متلعثمًا وصعب الفهم.

• تشنجات العضلات: مع استمرار انخفاض الحرارة، قد تبدأ العضلات في التشنج، مما يجعل الحركة أكثر صعوبة.

• الارتباك العقلي: يشمل فقدان القدرة على التفكير بوضوح، وصعوبة في اتخاذ القرارات، وفقدان الذاكرة المؤقت.

• فقدان الوعي: في الحالات الشديدة، يمكن أن يفقد الشخص الوعي تمامًا ويصبح في حالة من الغيبوبة.

• تباطؤ نبض القلب والتنفس: مع استمرارية انخفاض حرارة الجسم، قد يلاحظ بطء في نبضات القلب والتنفس، مما يعكس تأثر الدورة الدموية.

• اللون الأزرق في الجلد: قد يبدأ الجلد في التحول إلى اللون الأزرق، خاصة في الأطراف، بسبب قلة تدفق الدم.

3. الأعراض الحادة (الحرجة)

• فشل الأعضاء الحيوية: إذا استمر الجسم في التعرض للبرودة دون علاج، فقد يؤدي ذلك إلى فشل الأعضاء مثل القلب والرئتين.

• التوقف التام عن التنفس أو ضربات القلب: في الحالات المتقدمة، قد يتوقف التنفس أو يتوقف القلب عن العمل، مما يشكل تهديدًا للحياة.

تشخيص انخفاض حرارة الجسم

يعتمد تشخيص انخفاض حرارة الجسم على الأعراض السريرية ودرجة الحرارة الفموية أو المستقيمية. يمكن استخدام مقياس حرارة لقياس درجة حرارة الجسم وتحديد ما إذا كانت أقل من 35 درجة مئوية. من المهم أن يتم تشخيص الحالة في أقرب وقت ممكن لضمان تلقي العلاج الفوري.

علاج انخفاض حرارة الجسم

يشمل علاج انخفاض حرارة الجسم تدابير طبية عاجلة تهدف إلى استعادة درجة حرارة الجسم الطبيعية ومنع حدوث أضرار للأعضاء الحيوية. يتم علاج الحالة بناءً على درجة الحرارة المتدنية والحالة العامة للمريض، وتتضمن الخيارات العلاجية ما يلي:

1. إعادة تدفئة الجسم تدريجيًا: يتم ذلك من خلال استخدام الأغطية الدافئة، البطانيات الحرارية، أو الحمام الدافئ. يجب تجنب التدفئة السريعة للغاية، حيث قد يؤدي ذلك إلى صدمة دموية.

2. استخدام السوائل الدافئة: في بعض الحالات، يمكن إعطاء المريض سوائل دافئة عن طريق الفم أو عبر الوريد لتعويض النقص في السوائل وتدفئة الجسم.

3. الأدوية والعلاج الطبي: في حالات انخفاض حرارة الجسم الشديدة، قد يتطلب الأمر استخدام الأدوية لتعديل ضغط الدم، تحسين تدفق الدم، أو تدفئة الأعضاء الحيوية باستخدام وسائل طبية متقدمة مثل التدفئة الداخلية.

4. العلاج في المستشفى: في الحالات الحرجة، يتم نقل المريض إلى المستشفى للمراقبة المستمرة والعلاج الطبي المتخصص.

الوقاية من انخفاض حرارة الجسم

للوقاية من انخفاض حرارة الجسم، ينبغي على الأفراد اتخاذ بعض الاحتياطات، خصوصًا في الأجواء الباردة. إليك بعض النصائح الهامة:

1. ارتداء الملابس المناسبة: يجب ارتداء طبقات من الملابس الدافئة، بما في ذلك القفازات والقبعات والأوشحة، لضمان الحفاظ على حرارة الجسم.

2. الابتعاد عن المياه الباردة: تجنب السباحة في المياه الباردة أو التعرض لها لفترات طويلة، خاصة في الأماكن النائية أو في الأوقات التي تكون فيها درجات الحرارة منخفضة للغاية.

3. الحفاظ على التغذية السليمة: تأكد من تناول الطعام الغني بالعناصر الغذائية مثل الدهون والبروتينات والفيتامينات لضمان قدرة الجسم على الحفاظ على حرارته الطبيعية.

4. مراقبة صحة الأشخاص المعرضين للخطر: خاصة كبار السن والأطفال، إذ